التخطي إلى المحتوى الرئيسي

Plato's cave

هكذا كانت حياتي .. 
أجد نفسي مكبل اليدين و الرجلين منذ ولادتي ، كهف مظلم يشملنا جميعا ، أعيننا لا تملك الحرية أن تذهب يمينا و يسارا كيفما تشاء ، فنحن مجبرين على رؤية الحائط الذي يواجهنا ..

وراءنا كانت نيران تشتعل ، لا نراها بسبب حائط يفصل بيننا و بينها .. كان أناس يمشون وراء ذاك الحائط حاملين أشياء مثل الدمى الصغيرة ، و بسبب النيران المشتعلة كنا نرى ظلالهم في الحائط الذي تنظره عيوننا .. صدقنا أن أصوات الناس يتحركون و يهمهمون و يتحادثون ما هي إلا أصوات الظلال التي نراها ، فإننا لم نكن نرى غيرها !!
 اعترى الخوف قلوبنا كلما علا صوتهم ، فنحن لا نعلم ماذا يمكن أن يفعلوه بنا ..


يوما ما، استيقظت و إذ وجدت نفسي حرا طليقا !!
وجدت عقلي يأمر جسدي بالتوجه نحو النيران المشتعلة بالخلف، أريد أن أرى ما يحدث خلفنا دون أن ندري .. و لحظة ما وقعت عيوني على النيران ، أحسست بألم شديد في عينى ، أحسست و كأنني أصبحت أعمى لا أرى شيئا ، لم أستطع حينها رؤية الدمى صاحبة الظلال المخيفة .. و بسبب الألم الشديد ، إذا أقسم لي أحدا بأن تلك الدمى هي الحقيقة و ليس الظلال التي نراها ، لن أصدق على الإطلاق .. فهل الحقيقة تؤلم هكذا ؟؟ إذن فلأبقى في الخيال !!

" سأعود ،  حتما سأعود إلى ما تعودت أن أراه دون أن يؤلمني .. "
هكذا قلت لنفسي ..
و هكذا فعلت نفسي ..


إلى أن جاء يوم ،
وجدت و كأن شخصا ما يدفعني إلى أعلى .. أعلى هذا القبو الذي كنا مدفونين فيه منذ يوم ميلادنا .. إلى أن تواصلت عينى مع أول أشعة شمس تطأ على أبوابها .. لا أجد من الكلمات ما يستطيع أن يعبر عن شدة ألمي حينها !!

لكن، رويدا رويدا بدأ الألم يختفي و بدأت عيوني التعرف على الأشياء و الأشخاص .. رأيت الأنهار و الخضرة المحيطة بها من كل ناحية، الأزهار و ألوانها المفعمة بالجمال الخالص .. انتظرت الليل و رأيت النجوم تزين السماء !! حقا كان أسعد يوم في حياتي أو بالأحرى كان يوم ميلادي حقا في هذه الحياة ..

الفرحة إذا تعاظمت في داخلك، أردت أن تشاركها نع المقربين إليك ..
هكذا شعرت بأن هذا الجمال يجب أن يراه كل من كان مكبلا بجانبي داخل القبو اللعين هذا !!

بالفعل، ذهبت إلى حيث بدأت رحلتي ، و وجدت نفسي أمام السلالم التي ستسلمني إلى الموت ..
ترددت لحظة، و لكنني قررت أن لا أتراجع !!
بدأت بالنزول فترة طويلة من الزمن ، حتى استقبلني هذا الظلام الحالك مجددا ،
فأحسست بألم شديد في عيوني ، كأنني لا أرى شيئا على الإطلاق ، أحسست و كأنني أصبحت أعمى لا أرى شيئا..

حينها تيقن تماما كل من حولي ، بأن نور الشمس هو الجاني وراء كل هذا الألم الذي ينتابني ، تأكدوا بأن فسحتي للخارج كانت مخاطرة مجنونة مليئة بالخوف و الألم ، رغبتي في الاختلاف و التغيير كادت تهلكني .. وجدت الانتقادات و اللوم توجه إلى من كل حدب و صوب ، و وجدت لساني عاجز عن الرد، غير قادر على التفسير ..

قرروا من يومها إن كل شخص يفكر في أن يخرجهم إلى الخارج ، سيقتلوه حفاظا على حياتهم ، أو حفاظا على موتهم  !!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوما ما - الجزء الثاني

" .....  فالحب يا الحضار ليس كما أظهرته لنا الشاشات .. الحب هو ما يجعل الأرض سماء و ليس جحيما، حبك لك أن توزن أفعاله بأن تتخيل هل تقدر أن تفعل هذا أو تقول ذاك هناك في الأعالي أم لا !! تذكر أن الحب ينمو و القلب يتسع ان أردت  ... " صوته كان يقشعر له الأبدان، أسر آذان بل قلوب الجميع أثناء وقوفه بتلك الحلة البهية على هذا المسرح ..  و مع هذه الموسيقى الهادئة في خلفية كلماته، ينطق اللحن بما لم يستطع اللسان وصفه بعد ، كان الموضوع أشبه بالحلم ، بسيمفونية متكاملة النغمات تخترق مشاعر السامعين ...  قد كانت مقدمة لعمل مسرحي موسيقي من روائع تأليفه، كأنه ملأ المكان بعطر فاح رائحته فجذب الحضور من كل حدب وصوب .. دموعه انهالت في المشهد الختامي ، تصفيق حار لمدة لا تقل عن عشرة دقائق متواصلة ..  و التي في الصورة أعلاه ، نعم .. كانت هي إليزابيث ... 

أنت الحب و أنا لست الخطية

إلى الموت كان طريقي، أمسكوا بي و للرجم كان مصيري، أنا الخاطئة التائهة في شباك لعينة أمسكت بقدماي فزللت .. نظرات الاستحقار و المهانة تلاحقني كظلي، تحرق قلبي بالعار و لم أطيق ، شعرت بأني وحدي و لم يكن أحد معي، بحثت عن نظرة شفقة و لم أجد .. تمرمر قلبي، كل خطوة أخطوها نحو الموت كانت كافية لاسقاطي أرضا، تخيل أن هناك من يعجلك لآخر ومضات حياتك لينهيها .. لم أحتمل كل هذه المشاعر المضطربة من قبل، شيء معقد أن تذهب للموت الجسدي بلا روح مستعدة للانطلاق .. كنت بمثابة جثة هامدة في طريقها فقط لاعلان موتها علانية .. بحثت عن الحب و لم أجد، فظننت في فعلتي تلك بالدواء ، فكان مسمما .. إلى أن ظهر ذاك، السيد .. لم أكن رأيته من قبل و لم أرى مثله يوما ما في حياتي .. اصطدت في نظراته عيون القبول و الحب الذي لم تألفه عيناي طوال حياتي، كنت أشبه الصياد الذي درس كل عالم الأسماك بأشكالها و أنواعها، لكنه لم يصطاد سمكة واحدة .. سألوه من أمسكوا بي بأن مثل هذه ترجم كما في ناموس موسى  ، فماذا تقول !؟ حينها انخطف قلبي و كدت أصرخ كالأطفال، تيقنت بأنها النهاية، إلى أن رأيته ينحني على الأرض...

لنحيا ..

ما نظن أنفسنا نؤمن به ، تأتي تصرفاتنا لتعكس قلة إيماننا ..  ما نود قوله من كل قلوبنا ، يأتي الصمت ليلجم لساننا..  و حين يأتي وقت الصمت ، يكون قد مر الوقت !!  ما نريد أن نفعله مقتنعين به و ننصح به الآخرين ، يأتي الوقت لينسينا و يطفيء حماسة نفوسنا .. الآن نجلس لنقيم الوضع ، في موضع هاديء على ضوء الشموع .. كوب ساخن من المشروب المفضل مع بعض الأوراق المبعثرة الفارغة و قلم منذ الابتدائية ... نبدأ ب سؤال " ماذا لدينا هنا ؟" لدينا تصرفات لا تعكس ما نعتقد فيه ، لدينا أيضاً صمت ليس في وقته، وقت يمر و يمر و تنطفيء بمروره شمعة الحماس في قلوبنا .. مشاعر من الاستغراب و الحيرة بعض الشيء ،   الشك يبدأ يداعب نفسي، فهل حقاً كل ما أقوله عن إيماني في بعض المبادىء مثل حب الآخر ، مسامحته و طول البال على الكل ، فالكل معرض للخطأ .. أن أبادر نحو الآخر لا أنتظر أن يأتي إلي ، مبدأ آخر كالرجاء في وسط المشكلات و آخر مثل أهمية الالتزام و الاستمرارية على الشيء و أهمية تنظيم الوقت و ما إلى ذلك !!!   ‎يا إلهي ، نعم أعشق الحديث و التغني بجمال تلك المباديء و أهميت...