رأيتها تدخل المنزل و هي غير مدعوة ..
بمجرد النظر إليها ، تدرك ما هي سيرتها و مسلكها ..
كيف أخذتها الشهامة بأن تخرج من جحرها،
كيف تجرأت و جاءت إلى هنا ؟!
ألم تخاف من نظرات الناس من حولها ؟
ألم تخجل من ذاتها وسط الناس ؟
نعم أنا سمعان الفريسي أتحدث عما حدث في ذاك اليوم..
ما حدث بعد ذلك كان عجيبا،
رأيت دموعها على وجنتيها، لا لم تتحدث أو تنطق بأي شيء .. دموعها كانت كفيلة بذلك،
دموعها كانت تصرخ و تستنجد و تتسارع في هطولها، بإمكانك سماع ما تريد قوله ..
ثم جاءت بتلك القارورة .. قارورة الطيب الذكي، قد بلت قدماه بدموعها و مسحتهما بشعر رأسها ..
شعر رأسها كان مقيدا، مربوطا، مستعبدة به لشيء لم تكن تريده،
لكن ما أن حلته .. و كأن حمل ثقيل قد ألقى من عاتقها، كأن العالم كله تنفس هواء نقي يرسم الابتسامة البريئة على وجوه من يسكنوه، كأن فجأة الماضي بكل ما يحمله لم يعد حاضر عند قدميه ..
كانت كل حركة بمثابة خطوة ضمن عملية ولادة لطفل جديد، كان الصدق الشديد وراء كل ما تم أمام عيوني ..
لكني لغبائي،
كل ما دار في ذهني، هو شكوكي و حيرتي في هذا الشخص ..
فلو كان نبيا لعلم من هذه المرأة و ما حالها، إنها لخاطئة !!
فجأة حدثني،
قال لي ان عنده كلمة ليخبرني بها،
التفت إليه ..
في نهاية حديثه ختم بعبارة لم أفهمها جيداً،
أخبرني بأن الذي يغفر له كثيرا يحب كثيرا، أما الذي يغفر له قليلاً فيحب قليلاً ...
ليلتها عندما رحل الجميع،
بدأت أقلب كل مشاهد هذا اليوم في مخيلتي ..
حقا لقد أحبت هذه المرأة كثيرا، كثيرا جدا فوق ما في قدرة قلبي الحجري على استيعابه ..
و أنا لم أفعل شيء البتة ..
أنا الذي يجب أن يخجل من ذاته،
أنا الذي يجب أن يركع بدموع،
يا ليت الوقت يرجع للوراء، لكنت أجثو معها و أبل قدماه بدموعي ..
و يا لسخرية القدر،
فالناس يرونها خاطئة ، و أنا يرونني الفريسي ..
سمعان الفريسي
تعليقات
إرسال تعليق