التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسالة الميلاد



يا ملاكي، 
بدأ شهر الفرح و البهجة استعدادا لطفل المذود .. 
أتخيلك و أنت واقف مع باقي الملائكة في مشهد مهيب أحسد الرعاة عليه عندما سبحتم بهذه الأنشودة :"
المجد لله في الأعالي
و على الارض السلام
و بالناس المسرة .."

و كما تعلم أني أحب الكتابة، فظننت أنك قد تحب سماع ما خطر لي في هذا العام :
"
في هذا الصوم، 
تتجلى الكنيسة كلتها بصومها و سهرها ، إلى أن تصير جسدا سريا يحل فيه المسيح في سر عجيب كما حل في الجسد الذي أخذه من العذراء مريم .. 

لكن كيف يكتمل الجسد إن تفرقت أعضاؤه ؟ 
كيف يلتئم كعروس مزينة للمسيح دون الحب الصادق الذي يربط الجسد ببعضه كالمفاصل و الأربطة ؟ 
كيف نفرح حقا بميلاده و نحن نتظاهر أمام بعضنا البعض بالحب و المودة ، لكن الغيظ و الحقد و الادانة و التحقير من الآخر يملأ قلبنا و يشغل أذهاننا ؟

أمثل هذا جسد يحل فيه المسيح بتجسده ؟
أيغغل فاحص القلوب و الكلى عما ملأ الكلى و القلوب؟
أعيني المسيح تكتفي بنظراتها فقط إلى ما حاولنا إظهاره بعيوننا ؟ 

وا أسفاه .. 
فعيدنا سيظل حادثا تاريخيا نتذكره من عام إلى آخر فحسب،
ان لم ندخل في صميمه و نعيد للحلول الإلهي الذي يتجسدنا نحن ؛ كجسد واحد يرتاح فيه المسيح بالحب .. 


فكفانا من شعارات و كلمات و أحاديث نثقل بها على كهول الآخرين دون أن نلمسه بإحدى أصابعنا، 
و لننظر داخل أنفسنا ان كان لنا شيء عند شخص ما، و لنترك قربان المذبح و نذهب لصنع السلام و المسرة
 -هذا أيضا من ضمن التسابيح التي طالما ما رددتها السنتنا فقط - 
حينها إذن نرجع لنكمل تقدماتنا أمام الله و ننطق بقلبنا :
"
المجد لك يا الله في الأعالي،
و على الأرض السلام،
و بالناس المسرة ..
 " 

قالوا لي قديماً،
 ان مدح الطبيب و تعظيمه دون الأخذ بنصيحته، لن يقيمك من فراش المرض .. 
تجاهلت كلامهم أياما عديدة، 
حتى لم أعد أتذكر النصيحة من الأساس، و كجاهل مريض رقدت في فراشي غير قادر على الوقوف بتلك الحالة البائسة ، 
فوجدته بنفسه جاء إلى غرفتي و ناولني ترياق الخلود، 
فقمت من رقادي بمجيئه، و عرفني بذاته بأنه محبة .. 
فقمت و انطلقت في شوارع و ميادين مبتهجا مما حرمت من الاستمتاع به مسبقا، 
و مررت بكل شيء يمكن أن يمر به المرء، لكن الأمر لم يدم طويلا، و انزلقت من سرعة تدرجي في رغبة معرفة كل شيء يدور حولي .. 
و كرهت أشخاصا كانوا لي نعم الصديق، و انقلب الحال بسرعة.. 

و اصبح فكرة مجيئه ثانية إلى غرفتي، مثل الحلم البعيد المنال .. كل ما أملكه هي صورة التقطتها سويا معه العام الماضي، 
فبحسرة أنظر إلى صورته، 
و بغباء اتناسى كلمته، 
و بذات و تكبر ارفض وصغته،
 ثم أغلق الباب و أتسائل حانقا:"لماذا لا يأتي مجددا ؟!"

اتذكر بعض من كلمات حديثنا آخر مرة و كانت كما تسعفني الذاكرة هكذا :
"
نحب أن يكون الآخرين بلا نقص، أما نحن فلا نصلح عيوبنا الخاصة .. 
نريد أن يؤدب الآخرون بشدة، أما نحن فنأبى التأديب..
ان كنت لا تقدر أن تجعل نفسك كما تريد، فكيف يمكنك أن  تجعل الآخرين وفق مرامك ؟  
و هكذا يتضح جلياً،  أننا قلما نكيل بالمكيال عينه لأنفسنا و للقريب." 


نهاية، 
لنفحص طرقنا ..
لنفحص قلوبنا ..
و لنجتهد مسرعين في اختيار أجمل الهدايا القلبية، و وضعها في نهاية الطريق حيث النجم ،
عند المزود، 
تحت قدمي يسوع ...

عيد ميلاد مجيد  


أرأيت هذا يا ملاكي ؟ 
حتى بعد أن كتبت هذا، لا احاول جاهدا في اتمام ما اريده .. 
أرجوك، 
فهذه هي طلبتي في هذا العام، رددها كثيرا الفترة المقبلة حتى بالكاد اغلفها بالوان الهدايا و أقدمها له يوم الميلاد ..

طابت ليلتي بوجودك بجانبي ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوما ما - الجزء الثاني

" .....  فالحب يا الحضار ليس كما أظهرته لنا الشاشات .. الحب هو ما يجعل الأرض سماء و ليس جحيما، حبك لك أن توزن أفعاله بأن تتخيل هل تقدر أن تفعل هذا أو تقول ذاك هناك في الأعالي أم لا !! تذكر أن الحب ينمو و القلب يتسع ان أردت  ... " صوته كان يقشعر له الأبدان، أسر آذان بل قلوب الجميع أثناء وقوفه بتلك الحلة البهية على هذا المسرح ..  و مع هذه الموسيقى الهادئة في خلفية كلماته، ينطق اللحن بما لم يستطع اللسان وصفه بعد ، كان الموضوع أشبه بالحلم ، بسيمفونية متكاملة النغمات تخترق مشاعر السامعين ...  قد كانت مقدمة لعمل مسرحي موسيقي من روائع تأليفه، كأنه ملأ المكان بعطر فاح رائحته فجذب الحضور من كل حدب وصوب .. دموعه انهالت في المشهد الختامي ، تصفيق حار لمدة لا تقل عن عشرة دقائق متواصلة ..  و التي في الصورة أعلاه ، نعم .. كانت هي إليزابيث ... 

أنت الحب و أنا لست الخطية

إلى الموت كان طريقي، أمسكوا بي و للرجم كان مصيري، أنا الخاطئة التائهة في شباك لعينة أمسكت بقدماي فزللت .. نظرات الاستحقار و المهانة تلاحقني كظلي، تحرق قلبي بالعار و لم أطيق ، شعرت بأني وحدي و لم يكن أحد معي، بحثت عن نظرة شفقة و لم أجد .. تمرمر قلبي، كل خطوة أخطوها نحو الموت كانت كافية لاسقاطي أرضا، تخيل أن هناك من يعجلك لآخر ومضات حياتك لينهيها .. لم أحتمل كل هذه المشاعر المضطربة من قبل، شيء معقد أن تذهب للموت الجسدي بلا روح مستعدة للانطلاق .. كنت بمثابة جثة هامدة في طريقها فقط لاعلان موتها علانية .. بحثت عن الحب و لم أجد، فظننت في فعلتي تلك بالدواء ، فكان مسمما .. إلى أن ظهر ذاك، السيد .. لم أكن رأيته من قبل و لم أرى مثله يوما ما في حياتي .. اصطدت في نظراته عيون القبول و الحب الذي لم تألفه عيناي طوال حياتي، كنت أشبه الصياد الذي درس كل عالم الأسماك بأشكالها و أنواعها، لكنه لم يصطاد سمكة واحدة .. سألوه من أمسكوا بي بأن مثل هذه ترجم كما في ناموس موسى  ، فماذا تقول !؟ حينها انخطف قلبي و كدت أصرخ كالأطفال، تيقنت بأنها النهاية، إلى أن رأيته ينحني على الأرض...

لنحيا ..

ما نظن أنفسنا نؤمن به ، تأتي تصرفاتنا لتعكس قلة إيماننا ..  ما نود قوله من كل قلوبنا ، يأتي الصمت ليلجم لساننا..  و حين يأتي وقت الصمت ، يكون قد مر الوقت !!  ما نريد أن نفعله مقتنعين به و ننصح به الآخرين ، يأتي الوقت لينسينا و يطفيء حماسة نفوسنا .. الآن نجلس لنقيم الوضع ، في موضع هاديء على ضوء الشموع .. كوب ساخن من المشروب المفضل مع بعض الأوراق المبعثرة الفارغة و قلم منذ الابتدائية ... نبدأ ب سؤال " ماذا لدينا هنا ؟" لدينا تصرفات لا تعكس ما نعتقد فيه ، لدينا أيضاً صمت ليس في وقته، وقت يمر و يمر و تنطفيء بمروره شمعة الحماس في قلوبنا .. مشاعر من الاستغراب و الحيرة بعض الشيء ،   الشك يبدأ يداعب نفسي، فهل حقاً كل ما أقوله عن إيماني في بعض المبادىء مثل حب الآخر ، مسامحته و طول البال على الكل ، فالكل معرض للخطأ .. أن أبادر نحو الآخر لا أنتظر أن يأتي إلي ، مبدأ آخر كالرجاء في وسط المشكلات و آخر مثل أهمية الالتزام و الاستمرارية على الشيء و أهمية تنظيم الوقت و ما إلى ذلك !!!   ‎يا إلهي ، نعم أعشق الحديث و التغني بجمال تلك المباديء و أهميت...