التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أصحاب ال 11




جلسا و في أيديهما أجرتهما، مع ابتسامة زينت وجوههما المتعبة، ذهبا ليتذكرا ما حدث غير مصدقين ..
فقد كانت ليلة من تلك الليالي الخريفية،
تتهاطل فيها أوراق الأشجار رويدا رويدا، متمايلة مع رياح اشتدت سرعتها كأنها متأخرة عن ميعاد ..
غيوم حجبت لون السماء عن تلك العيون الشاخصة إليها،
فها هما قد جلسا أسفل تلك الشجرة ، خائرين من استكمال يومهما ..

كانت الساعة كانت أعلنت عن العاشرة ، فسأل الأول صديقه قائلاً :
" ماذا نفعل الآن ؟!"
سؤال يبدو سهل في ظاهره ، لكنه بأصابع خفية يشير على جروح اليوم التي عصفت بهم منذ ساعات النهار الأولى ..
فأجاب صديقه :
" لا شيء ..
لا شيء على الاطلاق ..
لم يعد لدي شيء لأقوله، حتى رغبتي انعدمت في الحديث ..
فأنا لا أستطيع احتمال الرفض مجدداً، أحاول النظر للأمام لكني أجد و كأن عيوني انتقلت إلى خلف و استقرت هناك..
قلبي ممزق من ندم اعتصره فلم يبقي بداخله أي شيء يضخه في أعضاء جسدي المتهالك .."
شرد الآخر تماماً بذهنه و خيم الصمت لبرهة من الوقت على المكان، أخذ عنقود من العنب فالجوع يلتهمهم منذ الصباح، تبادر إلى ذهنه نيوتن الذي وقعت ثمرة التفاح على رأسه فدخل التاريخ، و لكن كيف لهذا العنقود أن يعيد الكرة ؟!
رجع إلى نفسه و تذكر حالهما التعيس لكنه كسر حاجز الصمت ذاك قائلاً :
" لنتخيل حروبا هذا عددها سردها التاريخ ،
أظن في تلك الحروب كان يوجد عدد كافي من الجنود الباذلين لكل شيء في كل الأطراف ، و لكن في اعتقادي فالفارق الوحيد في اقتناص النصر هو من أخمد هذا الهمس الداخلي القائل :" لقد انتهى كل شيء!!"
اظن بأن من ينتظر خمس دقائق إضافية عن الآخر فهذا ينتصر ..
اذا، فلنؤجل رفع راياتنا البيضاء الآن،
و لنحتفظ بهما ،
ربما نحتاج إليهم وقت الاحتفال ..
لكن الآن،
لنحاول مرة أخرى ، حتى و ان كنا غير قادرين .. "
بالفعل قاما و انطلقا في طريقهما بين الأشجار و الزروع ، عيونهما شاخصة إلى الأرض و أرجلهما غير قادرة على المسير،
حتى وصلا إلى أرض زراعية مساحتها هائلة تجمع فيها الكثير من العمال الذي يشهد لهم عرقهم عما بذلوه في هذا اليوم ..
و ما أن وطأت خطوات أرجلهم تلك المنطقة،
سمعا صوت قائلاً لهما :
" أهلاً
بأصحاب الساعة الحادية عشر !! ''

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوما ما - الجزء الثاني

" .....  فالحب يا الحضار ليس كما أظهرته لنا الشاشات .. الحب هو ما يجعل الأرض سماء و ليس جحيما، حبك لك أن توزن أفعاله بأن تتخيل هل تقدر أن تفعل هذا أو تقول ذاك هناك في الأعالي أم لا !! تذكر أن الحب ينمو و القلب يتسع ان أردت  ... " صوته كان يقشعر له الأبدان، أسر آذان بل قلوب الجميع أثناء وقوفه بتلك الحلة البهية على هذا المسرح ..  و مع هذه الموسيقى الهادئة في خلفية كلماته، ينطق اللحن بما لم يستطع اللسان وصفه بعد ، كان الموضوع أشبه بالحلم ، بسيمفونية متكاملة النغمات تخترق مشاعر السامعين ...  قد كانت مقدمة لعمل مسرحي موسيقي من روائع تأليفه، كأنه ملأ المكان بعطر فاح رائحته فجذب الحضور من كل حدب وصوب .. دموعه انهالت في المشهد الختامي ، تصفيق حار لمدة لا تقل عن عشرة دقائق متواصلة ..  و التي في الصورة أعلاه ، نعم .. كانت هي إليزابيث ... 

أنت الحب و أنا لست الخطية

إلى الموت كان طريقي، أمسكوا بي و للرجم كان مصيري، أنا الخاطئة التائهة في شباك لعينة أمسكت بقدماي فزللت .. نظرات الاستحقار و المهانة تلاحقني كظلي، تحرق قلبي بالعار و لم أطيق ، شعرت بأني وحدي و لم يكن أحد معي، بحثت عن نظرة شفقة و لم أجد .. تمرمر قلبي، كل خطوة أخطوها نحو الموت كانت كافية لاسقاطي أرضا، تخيل أن هناك من يعجلك لآخر ومضات حياتك لينهيها .. لم أحتمل كل هذه المشاعر المضطربة من قبل، شيء معقد أن تذهب للموت الجسدي بلا روح مستعدة للانطلاق .. كنت بمثابة جثة هامدة في طريقها فقط لاعلان موتها علانية .. بحثت عن الحب و لم أجد، فظننت في فعلتي تلك بالدواء ، فكان مسمما .. إلى أن ظهر ذاك، السيد .. لم أكن رأيته من قبل و لم أرى مثله يوما ما في حياتي .. اصطدت في نظراته عيون القبول و الحب الذي لم تألفه عيناي طوال حياتي، كنت أشبه الصياد الذي درس كل عالم الأسماك بأشكالها و أنواعها، لكنه لم يصطاد سمكة واحدة .. سألوه من أمسكوا بي بأن مثل هذه ترجم كما في ناموس موسى  ، فماذا تقول !؟ حينها انخطف قلبي و كدت أصرخ كالأطفال، تيقنت بأنها النهاية، إلى أن رأيته ينحني على الأرض...

لنحيا ..

ما نظن أنفسنا نؤمن به ، تأتي تصرفاتنا لتعكس قلة إيماننا ..  ما نود قوله من كل قلوبنا ، يأتي الصمت ليلجم لساننا..  و حين يأتي وقت الصمت ، يكون قد مر الوقت !!  ما نريد أن نفعله مقتنعين به و ننصح به الآخرين ، يأتي الوقت لينسينا و يطفيء حماسة نفوسنا .. الآن نجلس لنقيم الوضع ، في موضع هاديء على ضوء الشموع .. كوب ساخن من المشروب المفضل مع بعض الأوراق المبعثرة الفارغة و قلم منذ الابتدائية ... نبدأ ب سؤال " ماذا لدينا هنا ؟" لدينا تصرفات لا تعكس ما نعتقد فيه ، لدينا أيضاً صمت ليس في وقته، وقت يمر و يمر و تنطفيء بمروره شمعة الحماس في قلوبنا .. مشاعر من الاستغراب و الحيرة بعض الشيء ،   الشك يبدأ يداعب نفسي، فهل حقاً كل ما أقوله عن إيماني في بعض المبادىء مثل حب الآخر ، مسامحته و طول البال على الكل ، فالكل معرض للخطأ .. أن أبادر نحو الآخر لا أنتظر أن يأتي إلي ، مبدأ آخر كالرجاء في وسط المشكلات و آخر مثل أهمية الالتزام و الاستمرارية على الشيء و أهمية تنظيم الوقت و ما إلى ذلك !!!   ‎يا إلهي ، نعم أعشق الحديث و التغني بجمال تلك المباديء و أهميت...