طالما ما ننتظر أحداثا أو مناسبات
لتكون بداية أية فترة زمنية لنعلن معها عن بداية جديدة ، نعلن معها عن
صفحات بيضاء جديدة تم شرائها مؤخرا للكتابة بخط أجمل من خطنا الردي غير
الواضح ..
و مع الوقت ، نتناسى تعهداتنا و ننشغل بأمور حياتنا
اليومية ، لعل و عسى يأتى حدث قريب يذكرنا ببدايتنا الفاترة من قبل ، فنمزق
الصفحات التي كانت ما تزال بيضاء من فترة ليست ببعيدة ، نمزقها و نبدأ من
جديد ...
لكن المشكلة هنا هو الاكتفاء بالبداية فقط ، كأنها تحدد
كل الطريق الذي سنسلكه ، البداية ليست مؤشر يمكن الاعتماد عليه فيما سيتبعه
من خطوات ..
ففي أي ماراثون ، الفائز في النهاية قد تكون بدايته في غاية التعثر !!
كل اشراقة شمس هي يوم جديد ، كأن الله يرسل لك بداية جديدة كل يوم لتبدأ معها ، متناسيا ما فعلته و حتى ما أنجزته من قبل ..
متناسيا تماما كل تعهداتك و وعودك التي لم تتحقق لأي سبب كان ، فاليوم يوم جديد و لذلك يجب أن أكون أنا أيضا مثله ...
رواسب الماضي ستتلاشى مع كل اشراقة شمس، إذا أدركت أن كل يوم هو بداية جديدة ، فقط افتح نافذة قلبك لذلك ..
كثيرا عند كل بداية زمنية ، نتذكر إخفاقات البدايات الماضية ، فتبدأ
مخيلتنا بنسج سيناريوهات فائقة السرعة عما سيحدث في البداية الحالية ، ثم
تجد لسان حالك يقول :
" ماذا سيفرق في هذه البداية عن سابقتها ؟! "
تجد ذاكرتك تتغافل أثناء الأيام العادية عن ما قررت سابقا أن تلتزم به، أو
تقوم بعمله في الفترة الجديدة ،ثم تنتظر أن يعلن الزمن عن مناسبة جديدة
تعلن فيها بدايتك ، فتجدها تقتحم أفكارك و إرادتك بعنف شديد مذكرة إياك مما
خفقت قبلا في تنفيذه ..
لذلك ، لتكن عيوننا موجهة نحو المعنى و
الهدف و المراد تحقيقه ، ليس نحو شكل و مظهر البداية و مقارنتها بذويها ..
الوصول يتحدد بمدى توجيه عيوننا نحو المرسى ، و ذكل سيشكل مدى تحملنا و
صبرنا لكل مشقات الطريق التي تواجهنا ، سنجد ذواتنا نقبل كل سقوط و تعثر
بفرح ، فهي خطوات لا غنى عنها حتى نصل إلى ما نريده ..
و لكن حينما نوجه عيوننا و نجعلها كمن تراقب أيامنا بكل تفاصيلها ثم تقارنها بما قلته يوم البداية ، هنيئا لك بالاحباط !
لتكن بداياتنا غير زمنية ، غير مربوطة بزمن معين لتبدأ معها تغييرنا
للأفضل .. لا نحصر معنى التجديد أو التغيير في حقبات زمنية محددة !!
جيد أن نبدأ جيدا ، لكن ما أجمل أن تجد ذاتك تنتزع من سقوطك و فتورك يوما جديدا لتبدأ فيه بكل قوتك و بكل صدق ..
فحياتنا كلها ننمو فيها باستمرار و نتعلم كل يوم ، فعبثا نفعل عندما نلقي
تركيزنا على شكل الحقبات الزمنية و مدى جودتها من عدمها ..
كل التفاصيل الصغيرة اليومية ، تجدها هي من تحدد النهايات السعيدة ..
دع الزمن يمر مثلما تعود منذ القدم ، و لنقدم نحن كل أيامنا بدايات جديدة، لأننا نحن اليوم ليس نحن كالأمس ...
افتراض البدايات المثالية غير مفيد ، لا تتوقع مثاليتها في كل شيء ..
فلا تجعل من خوفك من الخطأ مكبل لتحركاتك و نموك في الطريق ، فقط اجعل بداياتك صادقة ...
تعليقات
إرسال تعليق