التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شهوة البدء




طالما ما ننتظر أحداثا أو مناسبات لتكون بداية أية فترة زمنية لنعلن معها عن بداية جديدة ، نعلن معها عن صفحات بيضاء جديدة تم شرائها مؤخرا للكتابة بخط أجمل من خطنا الردي غير الواضح ..
و مع الوقت ، نتناسى تعهداتنا و ننشغل بأمور حياتنا اليومية ، لعل و عسى يأتى حدث قريب يذكرنا ببدايتنا الفاترة من قبل ، فنمزق الصفحات التي كانت ما تزال بيضاء من فترة ليست ببعيدة ، نمزقها و نبدأ من جديد ...
لكن المشكلة هنا هو الاكتفاء بالبداية فقط ، كأنها تحدد كل الطريق الذي سنسلكه ، البداية ليست مؤشر يمكن الاعتماد عليه فيما سيتبعه من خطوات ..
ففي أي ماراثون ، الفائز في النهاية قد تكون بدايته في غاية التعثر !!
كل اشراقة شمس هي يوم جديد ، كأن الله يرسل لك بداية جديدة كل يوم لتبدأ معها ، متناسيا ما فعلته و حتى ما أنجزته من قبل ..
متناسيا تماما كل تعهداتك و وعودك التي لم تتحقق لأي سبب كان ، فاليوم يوم جديد و لذلك يجب أن أكون أنا أيضا مثله ...
رواسب الماضي ستتلاشى مع كل اشراقة شمس، إذا أدركت أن كل يوم هو بداية جديدة ، فقط افتح نافذة قلبك لذلك ..
كثيرا عند كل بداية زمنية ، نتذكر إخفاقات البدايات الماضية ، فتبدأ مخيلتنا بنسج سيناريوهات فائقة السرعة عما سيحدث في البداية الحالية ، ثم تجد لسان حالك يقول :
" ماذا سيفرق في هذه البداية عن سابقتها ؟! "
تجد ذاكرتك تتغافل أثناء الأيام العادية عن ما قررت سابقا أن تلتزم به، أو تقوم بعمله في الفترة الجديدة ،ثم تنتظر أن يعلن الزمن عن مناسبة جديدة تعلن فيها بدايتك ، فتجدها تقتحم أفكارك و إرادتك بعنف شديد مذكرة إياك مما خفقت قبلا في تنفيذه ..
لذلك ، لتكن عيوننا موجهة نحو المعنى و الهدف و المراد تحقيقه ، ليس نحو شكل و مظهر البداية و مقارنتها بذويها .. الوصول يتحدد بمدى توجيه عيوننا نحو المرسى ، و ذكل سيشكل مدى تحملنا و صبرنا لكل مشقات الطريق التي تواجهنا ، سنجد ذواتنا نقبل كل سقوط و تعثر بفرح ، فهي خطوات لا غنى عنها حتى نصل إلى ما نريده ..
و لكن حينما نوجه عيوننا و نجعلها كمن تراقب أيامنا بكل تفاصيلها ثم تقارنها بما قلته يوم البداية ، هنيئا لك بالاحباط !
لتكن بداياتنا غير زمنية ، غير مربوطة بزمن معين لتبدأ معها تغييرنا للأفضل .. لا نحصر معنى التجديد أو التغيير في حقبات زمنية محددة !!
جيد أن نبدأ جيدا ، لكن ما أجمل أن تجد ذاتك تنتزع من سقوطك و فتورك يوما جديدا لتبدأ فيه بكل قوتك و بكل صدق ..
فحياتنا كلها ننمو فيها باستمرار و نتعلم كل يوم ، فعبثا نفعل عندما نلقي تركيزنا على شكل الحقبات الزمنية و مدى جودتها من عدمها ..
كل التفاصيل الصغيرة اليومية ، تجدها هي من تحدد النهايات السعيدة ..
دع الزمن يمر مثلما تعود منذ القدم ، و لنقدم نحن كل أيامنا بدايات جديدة، لأننا نحن اليوم ليس نحن كالأمس ...
افتراض البدايات المثالية غير مفيد ، لا تتوقع مثاليتها في كل شيء ..
فلا تجعل من خوفك من الخطأ مكبل لتحركاتك و نموك في الطريق ، فقط اجعل بداياتك صادقة ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوما ما - الجزء الثاني

" .....  فالحب يا الحضار ليس كما أظهرته لنا الشاشات .. الحب هو ما يجعل الأرض سماء و ليس جحيما، حبك لك أن توزن أفعاله بأن تتخيل هل تقدر أن تفعل هذا أو تقول ذاك هناك في الأعالي أم لا !! تذكر أن الحب ينمو و القلب يتسع ان أردت  ... " صوته كان يقشعر له الأبدان، أسر آذان بل قلوب الجميع أثناء وقوفه بتلك الحلة البهية على هذا المسرح ..  و مع هذه الموسيقى الهادئة في خلفية كلماته، ينطق اللحن بما لم يستطع اللسان وصفه بعد ، كان الموضوع أشبه بالحلم ، بسيمفونية متكاملة النغمات تخترق مشاعر السامعين ...  قد كانت مقدمة لعمل مسرحي موسيقي من روائع تأليفه، كأنه ملأ المكان بعطر فاح رائحته فجذب الحضور من كل حدب وصوب .. دموعه انهالت في المشهد الختامي ، تصفيق حار لمدة لا تقل عن عشرة دقائق متواصلة ..  و التي في الصورة أعلاه ، نعم .. كانت هي إليزابيث ... 

أنت الحب و أنا لست الخطية

إلى الموت كان طريقي، أمسكوا بي و للرجم كان مصيري، أنا الخاطئة التائهة في شباك لعينة أمسكت بقدماي فزللت .. نظرات الاستحقار و المهانة تلاحقني كظلي، تحرق قلبي بالعار و لم أطيق ، شعرت بأني وحدي و لم يكن أحد معي، بحثت عن نظرة شفقة و لم أجد .. تمرمر قلبي، كل خطوة أخطوها نحو الموت كانت كافية لاسقاطي أرضا، تخيل أن هناك من يعجلك لآخر ومضات حياتك لينهيها .. لم أحتمل كل هذه المشاعر المضطربة من قبل، شيء معقد أن تذهب للموت الجسدي بلا روح مستعدة للانطلاق .. كنت بمثابة جثة هامدة في طريقها فقط لاعلان موتها علانية .. بحثت عن الحب و لم أجد، فظننت في فعلتي تلك بالدواء ، فكان مسمما .. إلى أن ظهر ذاك، السيد .. لم أكن رأيته من قبل و لم أرى مثله يوما ما في حياتي .. اصطدت في نظراته عيون القبول و الحب الذي لم تألفه عيناي طوال حياتي، كنت أشبه الصياد الذي درس كل عالم الأسماك بأشكالها و أنواعها، لكنه لم يصطاد سمكة واحدة .. سألوه من أمسكوا بي بأن مثل هذه ترجم كما في ناموس موسى  ، فماذا تقول !؟ حينها انخطف قلبي و كدت أصرخ كالأطفال، تيقنت بأنها النهاية، إلى أن رأيته ينحني على الأرض...

لنحيا ..

ما نظن أنفسنا نؤمن به ، تأتي تصرفاتنا لتعكس قلة إيماننا ..  ما نود قوله من كل قلوبنا ، يأتي الصمت ليلجم لساننا..  و حين يأتي وقت الصمت ، يكون قد مر الوقت !!  ما نريد أن نفعله مقتنعين به و ننصح به الآخرين ، يأتي الوقت لينسينا و يطفيء حماسة نفوسنا .. الآن نجلس لنقيم الوضع ، في موضع هاديء على ضوء الشموع .. كوب ساخن من المشروب المفضل مع بعض الأوراق المبعثرة الفارغة و قلم منذ الابتدائية ... نبدأ ب سؤال " ماذا لدينا هنا ؟" لدينا تصرفات لا تعكس ما نعتقد فيه ، لدينا أيضاً صمت ليس في وقته، وقت يمر و يمر و تنطفيء بمروره شمعة الحماس في قلوبنا .. مشاعر من الاستغراب و الحيرة بعض الشيء ،   الشك يبدأ يداعب نفسي، فهل حقاً كل ما أقوله عن إيماني في بعض المبادىء مثل حب الآخر ، مسامحته و طول البال على الكل ، فالكل معرض للخطأ .. أن أبادر نحو الآخر لا أنتظر أن يأتي إلي ، مبدأ آخر كالرجاء في وسط المشكلات و آخر مثل أهمية الالتزام و الاستمرارية على الشيء و أهمية تنظيم الوقت و ما إلى ذلك !!!   ‎يا إلهي ، نعم أعشق الحديث و التغني بجمال تلك المباديء و أهميت...